يعد متوسط الدخل الفردي أحد المؤشرات الأساسية لتقييم حالة الاقتصاد في أي دولة، إذ يعكس مستوى المعيشة والنموّ الاقتصادي ومدى توزيع الثروة بين المواطنين.
ومع ارتفاع معدلات العولمة وانتشار الاقتصادات الناشئة، تزايد اهتمام العالم بمتوسّط الدخل الفردي على مستوى العالم وتفاوته بين الدول.
ولذلك، سيتناول هذا المقال موضوع متوسط الدخل الفردي في العالم، حيث سيتم استعراض أحدث الإحصائيات والأرقام المتعلقة بهذا المؤشر، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجه تحقيق التوازن في توزيع الثروة بين الدول، بالإضافة إلى مناقشة السياسات والإجراءات التي يمكن اتخاذها لتحسين متوسّط الدخل الفردي في الدول المنخفضة والمتوسّطة الدخل.
ما هو متوسط الدخل الفردي؟
يعدّ متوسّط الدخل الفردي مؤشراً هامّاً يستخدم لقياس مستوى الرفاهية والتنمية الاقتصاديّة في بلدان العالم.
وفقاً للبنك الدولي، فإنّ متوسّط الدخل الفردي العالمي في عام 2021 بلغ حوالي 10،620 دولار أمريكي.
ويشير هذا إلى أن الدخل الفردي في العالم يتفاوت بشكل كبير، فبينما يوجد بعض الدول التي تتمتع بدخل فردي عالي جداً، فإن هناك دول أخرى تعاني من فقر شديد ودخل فرديّ منخفض.
ما هي العوامل المؤثرة على متوسط الدخل الفردي؟
يعتمد متوسّط الدخل الفردي على العوامل المختلفة التي تؤثر على الدخل في كل دولة، مثل الاقتصاد والتعليم والصحة والبنية التحتية والسياسة الحكومية والاستثمار الأجنبي المباشر والتكنولوجيا والتغيرات الديموغرافية. ويمكن لتلك العوامل أن تؤدي إلى تغيرات في متوسّط الدخل الفردي على مدار الزمن.
ما هي الدول ذات أعلى معدل لمتوسطات الدخل الفردي؟
على مستوى الدول، فإن بعض الدول تتمتع بمتوسّط دخل فردي عالي، مثل دول أوروبا الشمالية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا واليابان.
في حين أنّ دول أفريقيا جنوب الصحراء وبعض الدول الآسيوية الفقيرة تعاني من متوسّط دخل فردي منخفض جدّاً. وتعد الدول النامية بشكل عام هي الأكثر تأثّراً بالفقر وقلّة الدخل.
ومع ذلك، فإن متوسّط الدخل الفردي ليس الصورة الكاملة للرفاهية في الدول. أي أنه يمكن أن يكون هناك تفاوت كبير بين الأفراد داخل الدول. ويمكن أن تتأثر متوسّطات الدخل الفردي بالأزمات الاقتصادية والحروب والكوارث الطبيعية وغيرها من العوامل الخارجية التي تؤثر على الاقتصاد.
إن متوسط الدخل الفردي لا يعكس بالضرورة مستوى الحياة الفعلي للأفراد. حيث يمكن أن يكون هناك فرق كبير بين متوسّط الدخل الفردي والدخل الفردي الفعلي للأفراد.
ويمكن أن يؤثر العمر والجنس والمستوى التعليمي والخبرة المهنية والمهارات والوظيفة والمنطقة الجغرافية وغيرها من العوامل الداخلية على دخل الفرد.
ولتحسين متوسط الدخل الفردي في العالم، يجب على الدول والمجتمعات العمل على تحسين الاقتصاد والتعليم والصحة والبنية التحتية والسياسة الحكومية والتكنولوجيا وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر وغيرها من العوامل التي تؤثر على الدخل الفردي.
ويجب أن يتم التركيز أيضاً على تقليل التفاوت في متوسطات الدخل الفردي داخل الدول، وتعزيز العدالة الاجتماعية والفرص المتساوية للجميع.
ومن المهم أن يتم تحقيق التنمية الاقتصادية بطريقة مستدامة ومتوازنة، وتحقيق التوازن بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة وتحسين الحياة الاجتماعية والثقافية للمجتمعات.
وبشكل عام، يعد تحسين متوسّط الدخل الفردي عالمياً هدفاً مهماً يجب على الدول والمجتمعات العمل عليه. وذلك لتحسين مستوى الرفاهية والتنمية الاقتصادية وتحقيق التوازن والعدالة الاجتماعية والبيئية في العالم.
ما هو التقسيم الجغرافي لمتوسط الدخل للفرد عالميا؟ هل يوجد تفاوتات بين الدول والمناطق؟
التقسيم الجغرافي لمتوسّط الدخل للفرد عالميا يتم تحديده بواسطة مؤشر متوسّط الدخل الفردي الحقيقي (Real per capita income) الذي يعبر عن الدخل السنوي الفعلي للفرد في الدولة المعنية بعد تعديله لتضخم الأسعار وتحويله إلى الدولار الأمريكي.
ويتم حساب هذا المؤشر عادة عن طريق تقسيم إجمالي الناتج المحلي بالقيمة الحالية للعملة المحلية على عدد السكان في الدولة.
توجد تفاوتات كبيرة بين متوسّط الدخل للفرد في الدول والمناطق المختلفة حول العالم. فمثلاً، تعتبر دولاً غنية مثل الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وفرنسا وكندا وأستراليا ودول أوروبية أخرى.
تتراوح متوسّطات الدخل الفردي فيها بين 30,000 و70,000 دولار في العام. بينما تعتبر دولاً فقيرة مثل بعض الدول الأفريقية والآسيوية واللاتينية، حيث يكون متوسّط الدخل الفردي فيها أقل من 5,000 دولار في العام.
كيف يتم حساب متوسط الدخل للفرد عالمياً؟
يتم حساب متوسّط الدخل الفردي عالمياً عن طريق تقسيم إجمالي الدخل الوطني لدولة ما على عدد سكّانها. ويمكن أن يتمّ حساب متوسّط الدخل الفردي بعملات مختلفة، ولكن العملة الشائعة للقياس هي الدولار الأمريكي.
يمكن استخدام البيانات المتاحة من العديد من المصادر المختلفة لحساب متوسّط الدخل الفردي عالميّاً.
وتقوم منظمات مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي بجمع البيانات وحساب متوسّط الدخل الفردي للدول المختلفة. ويتمّ تحديث البيانات بشكل دوري لتوفير معلومات دقيقة ومحدثة.
عند حساب متوسّط الدخل الفردي للدول، يتم استخدام مفهوم الدخل الوطني الإجمالي
(Gross National Income)، والذي يمثّل إجمالي الدخل الذي يتمّ توليده في الدولة سواء من الأفراد المقيمين فيها أو من الأفراد الذين يعملون في الخارج ويحولون أموالهم للدولة.
وتشمل الدخل الوطني الإجمالي العوائد المالية على الإنتاج والخدمات والاستثمارات والتحويلات النقديّة.
ما هي التحدّيات التي تواجه ارتفاع معدلات الدخل للأفراد؟
تحقيق توزيع عادل ومتوازن للدخل للفرد عالميا هو تحدي كبير يواجه المجتمع الدولي. وتترتب على ذلك نتائج وتحديات عديدة، ومنها:
- التفاوت الاقتصادي: يوجد تفاوت كبير في مستويات الدخل بين الدول المتقدمة والنامية. يعني ذلك أن الأفراد في الدول الفقيرة يعيشون في ظروف مادية أصعب ويواجهون صعوبة في تحقيق حياة كريمة.
- الفقر والتهميش: التوزيع غير العادل للدخل يؤدي إلى ارتفاع معدلات الفقر والتهميش في العديد من البلدان. يعاني الأفراد من نقص في الفرص والخدمات الأساسية مثل التعليم والرعاية الصحية.
- عدم المساواة الاجتماعية: يؤدي التفاوت الكبير في الدخل إلى تفاقم العدم المساواة الاجتماعية. يتراكم الثروة والسلطة في يد القلة القليلة، بينما يعاني الأفراد الآخرون من قلة الفرص والمزيد من الظلم الاجتماعي.
- الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي: عدم تحقيق توزيع عادل للدخل يزيد من عدم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي. قد يؤدي التفاوت الكبير إلى احتجاجات ونزاعات اجتماعية، وقد يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي والاستقرار العام للدول.
- التحدّيات السياسية: توزيع الدخل غير العادل يزيد من التوتّرات السياسيّة وقد يؤدّي إلى عدم الثقة في المؤسّسات الحكوميّة. يمكن أن تنشأ تحدّيات في تحقيق التغييرات السياسيّة والاجتماعيّة لتحسين توزيع الدخل.
في النهاية، يمثّل متوسّط الدخل الفردي في العالم تحدّياّ كبيراً للعديد من الدول والمجتمعات، إذ يعكس حالة الاقتصاد والتنمية والتوزيع العادل للثروة.
ومع ارتفاع مستوى التحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، يتطلب تحقيق تقدم حقيقي في تحسين متوسط الدخل الفردي في الدول المنخفضة والمتوسطة الدخل. حيث يجب بذل جهود كبيرة وتبني استراتيجيّات شاملة ومتكاملة.
وعلى الرغم من أنّ هذا المجال يشكل تحدّياً كبيراً، فإنّه يمكن تحقيق تقدم حقيقي عن طريق التعاون والتعاضد والعمل المشترك بين الدول والمنظمات الدولية والجهات الحكومية والمجتمع المدني.
أو من خلال العمل المشترك سيتمّ تحقيق تقدم حقيقي في تحسين متوسّط الدخل الفردي والحد من الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين الدول، وبذلك نعمل جميعاً على بناء مستقبل أفضل للإنسانية.