الفيمينيست – Feminist
الانفتاح العالمي الكبير الذي حدث بفضل التلفاز والهاتف المحمول وغيره من وسائل أخرى، أدى لوصول المفاهيم الصحيحة والخاطئة للجميع وحتى بدون استئذان. وتتصارع الأفكار ومناقضاتها بين مناصر ومناهض، لتتشكّل غيرها، يليها المزيد من الجدل والخلافات. أحد أكبر هذه المعضلات الفكريّة، هو مفهوم النسويّة أو الفيمينيست المبتدع بحجّة الاضطهاد والظلم والعنف القائم على النوع الاجتماعي، إلا أنه مفهوم يدس السمّ بالعسل.
سنتحدث في هذا المقال عن آثار مفهوم النسوية أو الفيمينيست على المجتمع العالمي، ورأي الأديان السماويّة به وما هي تباعته وأهدافه.
نشأة مصطلح الفيمينيست Feminist
بدأ هذا المسمّى ينتشر سريعاً في أرجاء العالم وذاع صيت مناصريه إلى أن وصلت أفكارهم معظم بلدان العالم بفعل هجمة إعلاميّة ملونة الظاهر قاتمة المضمون، ومن يعرف خفايا وأسرار هذا الحركة سيعرف مدى خطورتها.
نتعرّف على أول من بدأ حركة الفيمينيست وكيف تدّرجت لتصبح حركة يتغنّى بها المشاهير والمؤثرين حول العالم.
متى بدأت حركة الفيمينيست Feminist؟
في أواخر القرن التاسع عشر، بدأت حركات نسويّة في عدد من الدول الأوروبية والأمريكية. حيث قادت النساء حملات من أجل حقوقهن السياسية والمدنية، مثل حق التصويت وحق التعليم وحق العمل.
وفي العالم العربي، بدأت حركة النسوية في النشوء في العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر. وخاصة في مصر ولبنان وسوريا وتونس، حيث قادت النساء حملات من أجل حقوقهن السياسية والمدنية والاجتماعية.
وتطوّرت حركة النسوية عبر العقود اللاحقة، وشهدت العديد من المراحل وتحالف التيارات النسائية الأخرى، وما زالت تستمر في التطوّر والتحوّل في الوقت الحالي.
من أنصار حركة النسوية؟
على من أنه تعتبر النساء هي الجهة الأساسية التي تنادي بالمساواة بين الجنسين وحقوق النساء، إلا أن مفهوم الفيمينيست يشمل أيضاً الرجال الذين يدعمون هذه القضية ويسعون إلى تحقيق المساواة بين الجنسين.
نشاهد يوما بعد يوماً ظهور هؤلاء الفتيات والمشاهير الذين لا يعرفون عن الحياة إلا ما قرأوه وسمعوه مثلهم مثل أيّ طفل صغير، يقلّد دون أن يفهم، ليناشدوا بحقوق المرأة ويطالبون بدعم قضيّة النسويّات.
كانت النسوية الأولى الناشطة البريطانية ماري وولستونكرافت هي أوّل من بدأ باستخدام هذا المصطلح لحركتها. فيما بعد نشرت كتابها “حقوق المرأة” عام 1792 والذي دعت فيه إلى تحقيق حقوق المرأة في المجتمع.
بدأت بعض النساء بمناصرتها بعد تأثّرهم بخطاباتها، وكانت محقّة في الكثير من كلامها حول تحقيق العدالة في الحقوق والواجبات وغيرها.
إلا أنّه مع مرور الوقت بدأت الحركة تأخذ منعطفاً آخراً، فباتت كل من لم ترضى عن شيء حدث معها تدعو لمناهضته، سواء في بيتها أو عملها أو حتى إن كان ليس من شأنها.
تدخل طبيعة النساء إلى تبرير مواقفهم أو غاياتهم تحت مسمى “النسويات”، جعل الأمر يشبه مائدة طعام كبيرة عليها الكثير من أصناف الطعام، فتختار كل منهن ما تشتهي!
ما هي متطلبات الحركة النسوية؟
تدعي مناصرات الحركة النسوية أنهن يعملن على تحقيق الاستقلالية والتحرر من القيود الاجتماعية والثقافية والدينية التي تمنعهن من تحقيق طموحاتهن.
ومن بين متطلبات النسويات الأساسيّة:
- المساواة في الفرص والحقوق بين الرجال والنساء في كل المجالات، بما في ذلك المجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية.
- حماية المرأة من التمييز والعنف الجنسي والعنف الأسري والاعتداءات الجنسية والتحرش الجنسي.
- تمكين المرأة اقتصادياً وتشجيعها على العمل وتحقيق الاستقلالية المالية.
- زيادة تمثيل المرأة في المشاركة السياسية والحكومية والقيادية.
- تعزيز الوعي بقضايا المرأة ونشر الوعي بحقوقها وواجباتها وتحقيق التغيير الاجتماعي المطلوب للمساواة بين الجنسين.
من هم أعداء الحركة النسوية؟
إن أردنا الحديث عن أشخاص معينين ممن يقفون في وجه النسويات فإن القائمة ستطول وتطول ولن يمكن أن يتم حصرهم في قائمة صغيرة. لكن يمكننا الحديث عن فئات معينة ومنهم الدول العربية، في هذه الدول ينتشر الإسلام (الأغلبية) كدين يهذب المجتمع ويقوم اعوجاجه. وهذا لا يعني أنه لا يوجد من هم يناصرون النسويات، إلا أنهم منبوذين كما نبذ أنصار الحركة النسوية.
أيضاً الشعوب الشرقية كالصينيين واليابانيين والكوريين الجنوبيين. فالصين يعتبرونهن هاويات وغاويات وهنة فقط يتبعن طريقاً يخلصهن من أداء واجباتهم الوطنيّة والزوجيّة. وفي كوريا الجنوبيّة تتمّ مضايقتهم بشكل كبير من قبل الإعلام والمجتمع.
وفي بعض الحالات يتعرضون للإهانة بالألفاظ وبشكل علني، ولا يسمح لهم بنشر أو مشاركة أي محتوى يروج لهذه الحركة، وإن اشتكى عليهم أحدهم فسيحاكمون في بعض الأحيان.
ما هو رأي الإسلام بالنسويّات أو الفيمينيست؟
تعاليم الإسلام تؤكّد أن النساء والرجال يتمتّعون بالمساواة في القدرات والحقوق والواجبات. وينبغي لهم تحمّل المسؤوليّات والعمل سويّاّ لتحقيق مصالح المجتمع. وعلى هذا الأساس، فإنّ حركة النسويات التي تسعى إلى دعم وتعزيز حقوق المرأة ومكانتها في المجتمع يمكن أن تتوافق مع تعاليم الإسلام.
يجب الانتباه إلى أن هناك اختلاف في تفسير وتطبيق الإسلام بين مختلف الأفراد والجماعات والثقافات، ولذلك يوجد تنوّع كبير في الرؤى والممارسات بشأن حركة النسويات ودور المرأة في المجتمع. ومن المهمّ أن يتمّ التعامل مع هذا التنوّع بحساسية واحترام للرؤى والمعتقدات المختلفة.
على الرغم من وجود هذا الاختلاف، إلا أنّه ينبغي لأيّ حركة أو جهد يتعلق بدعم حقوق المرأة أن يتمّ إسناده إلى مبادئ العدالة والمساواة في الإسلام. أيضاً تجنّب أيّ تعارض مع القيم والمبادئ الإسلاميّة. ويجب أيضاً أن يتمّ التعامل مع هذه القضايا بحساسيّة واحترام تجاه الثقافات والتقاليد المختلفة، وتحقيق التوازن بين تطلّعات المرأة ومتطلبات المجتمع والدين.
ما هو رأي الديانة المسيحيّة بحركة النسويّات أو الفيمينيست؟
تعتبر الديانة المسيحيّة حركة النسويّات على أنّها جزء من الجهود المبذولة لتحقيق المساواة بين الجنسين وتعزيز حقوق المرأة.
وتؤكّد الديانة المسيحيّة على قيمة المرأة ومساواتها مع الرجل في القدرات والحقوق والواجبات. حيث يذكر الإنجيل أنّ الله خلق الرجل والمرأة على صورته وشبهه، وأنّ الإيمان والخلاص متاح للجميع دون تمييز بين الرجل والمرأة.
وعلى الرغم من ذلك، يوجد في بعض التيّارات المسيحيّة وهو ما يتّفق عليه الإسلام أيضاً، اعتراض على بعض مطالب حركة النسويّات، مثل حقّ الإجهاض وتغيير الأدوار التقليدية للجنسين في المجتمع.
ومن الممكن أن يختلف التفسير والتطبيق الديني بين مختلف الكنائس والطوائف المسيحية وفي مختلف المجتمعات والثقافات.
وقد شددت الطوائف المسيحيّة إلى أن أيّ جهود تسعى لتحقيق المساواة بين الجنسين يجب أن تتمّ وفقًا للمبادئ الأخلاقية والقيم الدينية، وأن تحترم تعاليم الدين وتجنب أي تعارض معها.
خلاصة ما سبق، حركة النسويّة أو ما يسمى بالفيمينيست وأنصارهم قد قاموا بتبني مفهوم جديد أو تحريفه إن جاز التعبير ليوافق تطلعاتهم ورغباتهم، كسائر الحركات الموجودة حول العالم.
جميع الحركات تنشأ لغاية، فإمّا هي تنهض بالمجتمع أو تدافع عن حق أو تسلط الضوء على مشكلة، وفي جميعها يوجد مصلحة يرغب أحدهم بتحقيقها وتابعون له، يتسبب نتيجة لها شقاق بين فئات المجتمع وجدل كبير.