الدين الخارجي
ما هي الديون الخارجية؟
وما هي أشكالها؟
تقع العديد من الدول في أزمات داخلية أو خارجية تضطرها في بعض الأحيان إلى اللجوء إلى الاستدانة من دول أخرى سواء بالدعم اللوجستي أو النقدي أو غيره من أشكال الديون.
هذه الديون لا تكون كالديون العادية البنكية أو الفردية، إنما لها أبعاد أخرى وبنود وأنواع متعددة. حيث ينص كل منها على عملية الدعم ونوعها وزمانها وطريقة استردادها، وهذا يكون بموجب عقد دولي يشرف عليه ممثلان من كل من البلدين، أو تحت وصاية البنك الدولي في جنيف.
يعرف الدين الخارجي على أنه مجموعة الالتزامات التي تقع على عاتق بلد ما مع دائنين (حلفاء أو غير حلفاء) في الخارج.
أشكال الدين الخارجي
يقسم الدين الخارجي من حيث الشكل لدين العام ولدين خاص:
- الأول: الديون المتعاقد عليها على الدولة ومؤسساتها.
- الثاني: ديون الشركات والعائلات.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن يكون الدائنون الأجانب بنوكاً أو حكومات دول أخرى أو منظمات دولية تقدم التمويل مثل صندوق النقد الدولي (IMF) أو بنك التنمية للبلدان الأمريكية (IDB).
أصل الدين الخارجي وآثاره
هناك عدة أسباب يمكن أن تفسر المديونية الخارجية لبلد ما. من بين هذه الأسباب نجد:
- الاستثمارات في البنية التحتية: الحاجة إلى وجود أموال للاستثمار في البنية التحتية أو الآلات من أجل التنمية الإنتاجية. على سبيل المثال، يمكن للبلدان الاقتراض لبناء الطرق والجسور والأنفاق لتقليل تكاليف النقل للشركات وبالتالي تشجيع النمو.
- الكوارث الطبيعية: كالأعاصير أو الزلازل أو حرائق الغابات التي تجبر الدولة على إعادة بناء جزء مهم من أراضيها.
- سوء الإدارة: قد يكون هناك سوء إدارة للكيانات العامة والخاصة التي أهدرت الموارد على أنشطة غير مربحة.
تختلف آثار الدين الخارجي باختلاف مسبباته.
بهذه الطريقة، إذا تم استخدام الأموال المستدانة للاستثمار، فسيكون لها تأثير إيجابي لأنه سيسمح بتحقيق قدر أكبر من التنمية المستقبلية. وهو ما سيكون مستحيلاً عند عدم القدرة على الاعتماد على الموارد الداخلية بسرعة.
على العكس من ذلك، عندما تُفسر المديونية بسوء الإدارة، يمكن أن تكون الآثار وخيمة. حيث يجب سداد الدين المتعاقد عليه (بالإضافة إلى الفائدة)، حتى لو لم يتم إنشاء مصادر دخل جديدة.
تصنيف الدين الخارجي
يمكن تصنيف الدين الخارجي وفقاً لمعايير مختلفة، نرى بعضاً منهم:
- حسب أداة الدين: يمكن تصنيف الدين حسب نوع الأداة المستخدمة (سندات، قروض، ائتمان تجاري، إلخ).
- حسب المصطلح: المدى القصير أو الطويل.
- حسب نوع العملة: وطنية، أجنبية (بالدولار بشكل عام).
- حسب نوع الفائدة: معدل ثابت أو متغير.
آثار الديون الخارجية:
يمكن أن يكون لهذه الديون آثار إيجابية وسلبية، فعلى الصعيد الإيجابي، يمكن أن يساعد الدين الخارجي في تمويل مشاريع التنمية التي يمكن أن تؤدي إلى النمو الاقتصادي وزيادة الإنتاجية. وهذا يمكن أن يؤدي على زيادة فرص العمل، وارتفاع الدخل، وتحسين مستويات المعيشة للمواطنين.
أيضاً، يمكن أن يوفر الدين الخارجي إمكانية الوصول إلى الأموال التي قد لا تتوفر لاستثمارات مثل البنية التحتية أو التعليم.
أما على الصعيد السلبي، فإذا لم تتم إدارة هذه الديون بعناية بحيث تحقق الفائدة المرجوة منها، يمكن أن يكون لها عواقب وخيمة على البلد. ويجب أن يكون المردود عالي لكي يغطي فوائد الدين.
كما يمكن للمستويات المرتفعة من الدين الخارجي أن تضعف القدرة الاقتصادية للبلد. وذلك بسبب تراكم وتزايد معدل الفوائد؛ مما يجعله عرضة للتأثر بشكل أكبر بالتغيرات الاقتصادية العالمية.
إضافة لعدم الاستقرار المالي داخلياً والتخلف عن السداد وفي بعض الأحيان الاضطرار للجوء إلى دول أخرى لطلب ديون جديدة تغطي الديون القديمة والدخول في دوامة لا تنتهي.
كما أن هذا الأمر سيضعف الدولة على القيام بأي استثمارات داخلية تساعدها على سداد ديونها، وعدم قدرتها على تمويل حكومتها بالأموال اللازمة والتي تغطي حاجة الشعب في قطاعات حساسة مثل الرعاية الطبية والتعليم والضمان الاجتماعي.
في مثل هذه الحالات، يأتي دور الحكومة ويتضح للجميع مدى جودتها، فإن استطاعت أن تدير هذه الأموال بطريقة مدروسة وسدادها مع الخروج منها بعوائد استثمارية ناجحة سواء كانت داخلية أو خارجية، ستكون المهمة قد أنجزت بنجاح، ولكن إن حدث خلل في الخطة سيكون عليهم أن يتحملوا العواقب.
كمثال على ما سبق، أزمة الديون الخارجية في الثمانينيات في أمريكا الجنوبية.
بدأت قصة المديونية الخارجية ذات العواقب الوخيمة على مديونية بلدان أمريكا اللاتينية خلال السبعينيات والثمانينيات القرن وتحديداً في عام 1973.
عندها تضاعف سعر النفط أربع مرات، فبدأت الدول المصدرة لهذا المنتج في جني الأرباح، والمستهلكة بالخسارة بشكل متزايد وبمعدل أكبر إلى أن شارفت على إفلاسها ليتدخل البنك الدولي والحكومات المجاورة لإيقاف الأمر.
بشكل عام، أي بلد يصبح بحاجة للديون سيكون عرضة للخطر والانهيار الاقتصادي غير المبرر ما لم يكن هناك موارد داخلية تستطيع سد العجز الذي حدث أي كانت أسبابه، والتي تعمل على إنقاص وتيرة الديون المتسارعة وإنهاء عقود الاقتراض بأسرع وقت ممكن.